الثلاثاء، 2 مارس 2010

عبدالوهاب العملاق يحكي للأطفال

أنقل لكم يا أصدقائي هذا الحوار الذي يختصر فيه الدكتور المفكر الفيلسوف عبدالوهاب المسيري حكاية كتابته لقصص الأطفال:
"المسيري يدخل إلى قصص الأطفال.. ليغيرها..! " حوار مع موقع إسلام أون لاين:
"منذ أجيال ونحن نقص على الأطفال قصة سندريللا وقصة ذات الرداء الأحمر. تغير العالم من حولنا.. وتسارعت خطاه.. ونضج الأطفال في زمن الألعاب الإلكترونية والإنترنت؛ وما زلنا نقص عليهم أن الذئب المكار أراد أكل ذات الرداء الأحمر وجدتها! وأن سندريللا كانت خادمة في بيت زوجة أبيها الشريرة وبناتها القبيحات. هل عالم القصص عالم مغلق بمفاتيح لا نستطيع أن نتسلل إليه؟
ماذا لو أردنا أن نشاغب وفتحنا عالم القصص والحكايات وغيرنا الحكايات لتناسب أطفال هذا الزمان، بل ونجعلهم شخصيات داخل القصص ذاتها؟
أ. د. عبد الوهاب المسيري فعل ذلك، وفاز بجائزة سوزان مبارك لأدب الطفل في مصر قبل أن ينتهي عام 1999 بأيام قليلة. لماذا وكيف؟ هذا ما حاولنا أن نعرفه في هذا الحوار المباشر معه.د. عبد الوهاب المسيري أستاذ موسوعي له كتابات فلسفية ونظرية بارزة أشهرها موسوعة اليهود واليهودية التي فازت بجوائز عديدة، وكذلك كتابات أهمها: التحيز: رؤية معرفية، الانتفاضة الفلسطينية، الفردوس الموعود: دراسة في الحضارة الأمريكية، وغيرها من الكتب الرصينة..
فاجأ الدكتور عبد الوهاب المسيري القراء بنشر سلسلة قصص للطفل في آخر 1999 تحت عنوان "حكايات هذا الزمان"، صدر منها: "نور والذئب الشهير بالمكار" و"سندريللا وزينب هانم خاتون".
متى فكرتم في الكتابة للطفل؟-
أنا أؤلف قصص للأطفال منذ السبعينيات عندما رزقني الله بأولادي نور وياسر.. نور كانت نشيطة وذكية وكثيرة الأسئلة وكذلك ياسر، وكنا في الولايات المتحدة الأمريكية أنا وزوجتي ندرس للدكتوراه عندما ظهرت عروسة باربي، ورغم أنها لاقت إعجاب الملايين إلا أنها أصابتني بالفزع.. فباربي مخلوقة باردة، لا تشبه بنات وطني، وهي إنتاج استهلاكي لتسويق ملابسها وصورها وملصقاتها الصغيرة على حقائب المدرسة، ثم شراء أحدث اكسسواراتها.. وهكذا، وهي لا تنقل قيمة لا شرقية ولا غربية سوى قيم الاستهلاك، بل بالعكس هي مثال سيئ للنحافة الزائدة التي صار الولع بها مرضًا نفسيًا تعاني منه المراهقات ويسمى "أنوراكسيا". لذا قررت حينئذ أن أخترع شخصية تدور حولها قصص أرويها لأطفالي في الغربة تربطهم بثقافتهم وتراثهم، فكانت شخصية الجمل ظريف الذي يعيش معهم كصديق ويدخل في حياتهم وهو ككائن حيوان لكنه يخاطبهم ويعلمهم ويتعلم معهم.. بدلاً من الدب الغربي "تيدي بير" الشهير، واستلهمت شخصيته من أثر قرأته طفلاً أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان جالسًا فلاذ به جمل من الذبح هاربًا وطالبًا الأمان؛ فأمَّنه الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأنقذه.. وهي قصة لطيفة تربط عالم الحيوان بعالمنا في سياق إيماني، وقد جعلت أطفالي شخصيات في داخل القصة وبدأوا يدخلون في تأليف القصص ونسج الحكايات.
ولماذا دخلت عالم سندريللا وذات الرداء الأحمر ولم تكتف بقصص الجمل ظريف؟-
قصص الجمل ظريف نشر بعضها ولكنني أردت أن أدخل إلى عالم القصص الكلاسيكية وأقدمها لطفل القرن الواحد والعشرين، فذات الرداء الأحمر تحمل في قصتي اسم نور.. وهو اسم ابنتي واسم عربي جميل، وهي لأنها تعيش في هذا الزمان فإنها تذهب لجدتها بالدراجة وتصطحب معها ياسر ونديم، وقد أضفت نديم لأنه اسم حفيدي الذي أحكي له القصص وأطورها معه، ولأنها لم تمر وفي يدها تفاح كما كان في القصة القديمة بل شاي وبرتقال لم يلحظ الذئب مرورها، ثم لاحظه بعد وهلة وناداها لكنها كانت تعرف القصة منذ البداية فهربت منه، وعندما لحق بها عند جدتها متنكرًا هجم عليه أصدقاء نور وضربوه وهزموه، ثم أعطوه بعض الطعام وأمرته الجدة أن ينظف الحديقة، ثم هرب راجعًا للغابة يكمل قصته القديمة التي ينتصر فيها رغم أن الواقع في القرن 21 أنه انهزم.. هزمه ذكاء نور وأصحابها.. وصار الشهير بالمكار لكنه لم يعد مكارًا كما كان.. وأخيرًا يحمل البساط السحري نور والدراجة وأصحابها إلى المنزل.. والطفل هنا يعرف أنه لا يوجد بساط سحري لكنه يضحك ويظل البساط رمزًا يربطه بالقصص القديمة الجميلة.. وغير الواقعية.. وماذا فعلت في سندريللا؟-
جعلتها مثقفة وذكية.. تذهب للحفل مع صديقتها وتستعير الفستان من صديقة لجدتها، وعندما تعود مبكرًا إلى المنزل يبحث عنها الأمير ثم يتزوجها دون أن تجرب فردة الحذاء لأنه أحبها هي وأعجبه ثقافتها وعقلها، وتختم القصة بالديك حسن الذي يحاول إضحاك الناس في حفل الزفاف.. إنها محاولة مزج الشخصيات القديمة وإدخالها في القصص الغربية التي "نلعب بها" ونغيرها لأنها ليست نصًا مقدسًا، فلا نتجاهلها ولكن نطورها وندخل عالمها برموزنا فتصبح أقرب لنا ونشعر بقدرتنا على التغيير.
ما رد فعل نور عندما كانت طفلة؟ وما رد فعل حفيدك نديم الآن؟-
الأطفال في غاية الذكاء.. فهم يدركون أن هناك نصين نصًا أصليًا ونصًا جديدًا.. وهذا يشجعهم على الإبداع.. ويبتكرون، ويملكون بذلك ناصية الحكى.. ويفكرون في علاقات جديدة ويضيفون ويحذفون شخصيات.. فهذا الأسلوب يعطي حرية الإرادة للطفل ويشعره بقدرته على التخيل والمشاركة فتصبح الحكاية عملية تفاعلية ممتعة للكبير أيضًا في متابعة لخيال الطفل ومحاولة التفاعل معه.. وقد أقول أحيانًا عندما يسألني نديم عن نهاية قصة: لا أعرف.. لماذا لا نحاول أن نجد لها نهاية معًا.. ثم إذا أتى بنهاية حزينة أقول له.. لماذا لا نجعلها سعيدة بعض الشيء.. أو: حسنًا.. لكن سنستكمل الحكاية لأن هناك دائمًا أملاً في أن تتغير الظروف والأوضاع.. ويتم ذلك لاحقًا.. وهكذا.
أي أنك تصوغ قصصًا واقعية؟-
إنها واقعية وخيالية في آن واحد.. كلاسيكية ومعاصرة والأهم أنها تربط الراوي بالطفل وتعطي الطفل إرادة.. وأنا أدعو الآباء لانتقاء شخصيات من التراث الأدبي أو القصص القرآني من حيوان وطير والبدء في محاولة مماثلة.. وسيجدون أنها أكثر إمتاعًا من القصص القديمة أو ترك الأطفال أمام اللعب الإلكترونية.. جربوا وسترون وسيخرج للنور إبداع رائع قد ينشره البعض، والأهم أن الآباء والأمهات سينشئون قناة تواصل جديدة وممتعة مع الأطفال.. وبالمناسبة: لقد ظللت أكتب قصص الجمل ظريف إلى أن ودع ظريف نور في طريقها لإنجلترا للحصول على الدكتوراه، ثم بدأ يدخل في "حكايات هذا الزمان".. وللأجداد متسع أن يبدأوا الآن على نفس الطريقة مع أحفادهم كما أفعل مع نديم.. إنها العلاقة الحميمية التي لا مثيل لها والحمد لله." منقول
أصدقائي الأطفال الصغار والكبار ستجدون كتب الدكتور عبدالوهاب المسيري للأطفال
في موقعه هذا وبالإمكان تحميلها:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق