حكاية شعبية تنتظرك

بابا (حتيني)




مشهد أخوتي الصغار كلما ناديت عليهم وعلى ابنتي فدوى لأحكي لهم حكاية وهم يتسابقون أيهم ينال السبق بالجلوس بجانبي وفدوى تصيح بي (بابا حتيني) أي (احكي لي حكاية ) هذا المشهد يغمرني بفيض جارف من الحنين العميق ويرقرق الدمع في عيني إلى حكايات جدتي مطيرة الحكواتية العمانية الجميلة التي كانت تزونا كل ليلة عندما كنا صغارا أنا وأخوتي وأبناء عمي في مراحل الدراسة الأولى ..



كنا نتحلق حولها في حلقة دائرية وكأنها الشمس ونحن الكواكب غير أنا لا نطوف بها وإنما متسمرون أمام محراب حكاياتها..

مسرح الحكايات كان في حوش بيتنا المفتوح على الكون حيث النجوم تزركش سجادة السماء وحيث القمر فوق رؤوسنا يضيء لنا الرمسة..

إن طريقة سردها للحكاية وهي تمثلها بالصوت ما تزال ترن في أذني فقد كان هذا الأسلوب يأسرنا يجعلنا نشتد غضبا لأي همسة تقطع جمال المشاهد المسرحية الصوتية التي تنسجها جدتي مطيرة..





ماذا حكت لنا؟؟

كانت تحكي لنا حكايات شعبية عمانية عن أبي نواس (الشخصية الشعبية الماكرة التي استوحاها الحكواتيون العمانيون من مضامين أشعار الشاعر العباسي أبي نواس الحسن بن هاني) وحكايات عن قصص الملوك وبناتهم البيضاوات الجميلات وعن أبناء الفقراء الذين يتنافسون في الزواج منهن وعن (البناوة ) أي البنت اليتيمة التي تعيش تحت كنف زوجة أبيها الشريرة ، وعن الصبر والسماحة وعن كل ما يبعث الأمن النفسي كان يسكن تلك الحكايات..



قررت أن أكون حكواتيا !

في كل مرة أخرج مع عائلتي الكبيرة إلى نزهة خلوية أنادي على الأطفال لأحكي لهم حكاية ، أما الآن وفي الغالب صاروا هم من يطلبون مني ذلك..

عندما لمعت في الفكرة في فضاء مخيلتي وجدت أني لا أملك ذخيرة من الحكايات غير النتف المتبقية من حكايات جدتي مطيرة..

فقمت بالبحث عن كتب تجمع الحكايات الشعبية العمانية فوجدت كتاب قصص من التراث العماني للأستاذ يوسف الشاروني صدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان

والبصراويان والعماني وكتاب ابن مقرب للشعيلي صدرا عن دار الحكمة في بريطانيا

وكتاب حكايات جدتي لخديجة الذهب طبعه النادي الثقافي في دار الانتشار

وكتاب روت لي جدتي لفاطمة قلم

وكتاب خراريف صدر عن بيت التراث الإماراتي في الشارقة



كل هذه الكتب فادتني إلى قراءة الحكايات الشعبية وصرت قبل كل رحلة أقرأ قصة أو قصتين منها وأحكيها لأطفال العائلة في السيارة أو في منتزه الرحلة.. ثم طورتها عندما صاروا يكررون علي أنهم يريدون حكاية عن الثعلب أو عن الديك ، عندها قمت بشراء سلاسل من قصص الأطفال وأقرأ بعضها وأحكيها لهم ..

ثم صرت أرجع إلى قصص الأنبياء وأقرأها ثم أحضر لهم في مرة قصة أو قصتين ، ماذا أفعل؟؟

أروي لهم بأسلوب مسرحي صوتي قصة حزن سيدنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام كيف فقد ابنه الحبيب سيدنا يوسف عليه السلام أو قصة السيدة الصالحة أم النبي موسى أو قصة النبي الكريم إبراهيم أو قصة صبر النبي الشجاع أيوب ..

كان هدفي من حكايات الأنبياء أن أربطهم بقصص القرآن المجيد

لأني شخصيا قصص الأنبياء وقصص القرآن تعيشني في جو أدبي وروحاني يعجز بيان أي لغة عن وصفه..


 
هذه تجربتي مع الحكاية الشعبية ، وسأذكركم بأنني عندما كنت في الجامعة حاولت أن أكتب قصة قصيرة تدور حول إعجابي بجدتي مطيرة ، فكرتها تتلخص في حيرة طفل حول كلمة كانت تقفل بها الجدة مطيرة حكاياتها وهي: (جيت وما أعطوني شي) وخاصة عندما كانت تحكي عن أبي نواس .. في المقال القادم سأعرض عليكم قصتي القصيرة (جدتي مطيرة وأبو نواس).


ما أجمل حكاية شعبية سمعتها في طفولتك ؟؟


أنتظرك أن ترسلها علي بريدي الخاص وسأنشرها هنا لنستمتع بها جميعا

هناك تعليق واحد: